الأربعاء، 13 يناير 2010

ليبيا تنعى أول رئيس لاتحاد كتابها وأدبائها ... التليسي في ذمة الله



عن – ليبيا اليوم


باحدى مصحات طرابلس ودع الدنيا المؤرخ والأديب الليبي خليفة التليسي بعد معاناة مع المرض، وسيشيع جثمانه الطاهر ظهر الجمعة 15/1 بمقبرة شهداء الهاني بطرابلس .
وبحسب معجم القصاصين الليبيين لمؤلفه د. عبد الله مليطان فإن (التليسي) ولد عام 1930 بطرابلس وبها درس مراحله التعليمية الأولى حيث أنهى دراسته النظامية سنة 1948م ، ثم انتقل للعمل في مجال التدريس حتى عام 1951 ، لينتظم في العمل الاداري بمجلس النواب فأمينا عاما له عام 1962م فوزيرا للإعلام والثقافة من عام 1964 إلى 1967م ، فسفيرا لدى المملكة المغربية عام 1968م.
وبحسب مليطان فقد تولى الفقيد رئاسة اللجنة العليا للإذاعة ورئيسا لمجلس إدارة الدار العربية للكتاب عام 1974م ، ليختار كأول أمين لاتحاد الأدباء والكتاب الليبيين عام 1977م فنائبا للأمين العام لاتحاد الأدباء العرب عام 1978م ، ثم أمينا عاما للاتحاد العام للناشرين العرب عام 1981م .
ويضيف مليطان في معجمه أن (الفقيد) يعود له الفضل في تأسيس عدد من المطبوعات الصحفية من بينها مجلتي الرواد والمرأة ، بالاضافة لتأسيسه للجنة العليا لرعاية الآداب والفنون ومشاركته في تأسيس جمعية الفكر .
اهتم التليسي بفن الترجمة ويعد كتاب "البحر المتوسط .. حضاراته وصراعاته" آخر كتاب صدر في حياته عن المؤسسة العامة للثقافة .
يتحدث الناقد والكاتب (إبراهيم حميدان) – آخر من كتب عن التليسي قبيل وفاته بأيام في مقال نشر بأويا – قائلا : " فأستاذنا الكبير مازال ومنذ نحو ستة عقود متتالية يواصل إثراء المكتبة العربية بمؤلفاته وترجماته وتحقيقاته القيّمة واصدراته المهمة، وتمثل كتبه في هذه المجالات جميعها مكتبة متكاملة، ارتحل فيها كاتبنا من النقد الأدبي والدراسة الأدبية إلى التاريخ السياسي ومنه إلى تأليف الشعر وكتابة القصة وتجميع المختارات الشعرية وأخيراً الترجمة التي برع فيها كثيراً، وسطع نجمه فيها منذ أن اكتشف "بيراندلوا" أحد أبرز كتّاب القصة في الإيطالية، فعن طريقه عرف القارىء العربي هذا الكاتب الإيطالي المهم الذي لم يكن يعرف عنه سوى مسرحيته الوحيدة "ستة شخصيات تبحث عن مؤلف" التي قيل أن عبد الناصر قد تأثر بها قبل الثورة. ولا ننسى تلك المختارات القصصية الجميلة التي حملت عنوان "ليلة عيد الميلاد" وقدم خلالها التليسي عددا آخراً من كتّاب القصة الإيطالية والفرنسية والاسبانية أبرزهم في نظري الكاتب "دينوبوتزاتي" صاحب رواية "صحراء التتار" والذي ترجم له التليسي قصة بعنوان "سبعة طوابق"وهي من القصص الخالدة التي تظل في ذاكرة القارىء طول العمر.
ويواصل حميدان حديثه قائلا: " لكن التليسي عاشق الشعر ما لبث أن أدار ظهره لترجمة القصة وابحر باتجاه االشعر ففي أواخر الثمانينات فاجأ جمهور القراء والمثقفين بترجمته الرائحة لشاعر الهند العظيم "طاغور"، وعلى الرغم من أن "الطاغور" كان قد حظي بأكثر من ترجمة إلى اللغة العربية إلاّ أن ترجمة التليسي نالت استحسانا واسعا في أوساط المثقفين والأدباء والكتّاب وعبروا عن اعجابهم بهذه الترجمة التي جاءت في ثلاثة مجلدات في كتابات ومقالات نشروها في صحف ومجلات في أكثر من عاصمة عربية.
ثم كانت المفاجأة الثانية حين أصدر التليسي ثلاثة مجلدات ضمت ترجماته لأشعار الشاعر الإسباني "لوركا" وما كتب عنه من دراسات. يومها لم يخف التليسي اعتزازه العالي بما صنع حين كتب يقول في مقدمة الكتاب "حين كان الآخرون يترجمون وينشرون .. كنت أترجم وأطوي .. وحين قرأت ما ترجموا رأيت أن أنشر ما طويت" . ومن حقه أن يكتب هذا بعد إنجازه لتلك الترجمة البديعة الرائعة.
وها هو التليسي يطرق اليوم ميدانا آخر وهو يقدم لنا أحدث ترجماته في مجلد تربو صفحاته على الستمائة "البحر المتوسط .. حضارته وصراعاته" لمؤلفه "أرنل براد فورد" الذي يؤرخ فيه للدورات الحضارية التي تتابعت على هذا البحر. ولعل السبب الذي دفع التليسي لأن يقدم على ترجمة هذا الكتاب حسبما ورد في المقدمة هو موقف المؤلف البريطاني الذي كان منصفا للعرب وحضارة المسلمين فلم يبخس دورهم ولم يطمس إسهامهم البحري في مرحلة السيادة الإسلامية على البحر المتوسط علاوة على الأهمية الجيوستراتيجية المتعاظمة لهذا البحر "
كرم التليسي لإساهماته الأدبية والتاريخية فمنحه المعهد الشرقي بجامعة نابولي (الدتوراة الفخرية)، كما كرمته ليبيا بوسام الفاتح وجائزة الفاتح التقديرية ، وكرمته الجمهورية التونسية بوسام الثقافة التونسي ، وكرمته المملكة المغربية بالوسام العلوي المغربي وجائزة الثقافة المغربية.

هناك تعليق واحد:

رفيف في حقول الأماني يقول...

رحم الله أديبنا الكبير وأسكنه فسيح جناته
كل ما قيل أو كُتب عن التليسي ، وكل ما حظي به من تقدير وتكريم لا يوفي هذا الكبير حقه
إنا لله وإن إليه لراجعون
القاصة : غالية الذرعاني