الأربعاء، 31 ديسمبر 2008

في الحاجة إلى مدرسة للقصة المغربية القصيرة - البيان الثاني

"المدرسة الحائية"
مدرسة القصة العربية الغدوية

البيان الثاني
في الحاجة إلى
"مدرسة للقصة المغربية القصيرة
"
محمد سعيد الريحاني



I/- عن "ميزان القوى في الأدب":
منذ انطلاق مشروع "الحاءات الثلاث" بأجزائه الثلاثة ("أنطولوجيا الحلم" عام 2006 و"أنطولوجيا الحب" عام 2007 و "أنطولوجيا الحرية" عام 2008)، كانت المواظبة على إعداد نوع جديد من القراءات للنصوص الأدبية سميت "قراءة عاشقة" لأن كاتبا يشرف على إنجازها تمييزا لها عن "القراءة النقدية" التي ينجزها الناقد وعن "المحاضرة" التي ينجزها الأكاديمي.

إن اختيار شعار "قراءة عاشقة" هام للغاية لارتباطه بالضرورة بقلم "مبدع" في مجال من المجالات الأدبية موضوع "القراءة العاشقة". ففي "القراءة العاشقة"، تغيب المسافة وينمحي حضورها بين القارئ والنص ليتحدث هذا "القارئ العاشق" من داخل النص كاشفا عن مكامن القوة والجِدّةِ والجمال التي يعرفها بحكم كون المجال مجاله والحرفة حرفته. "القراءة العاشقة" هي الصوت المسموع للكاتب "القارِئ" للنص حين يفضل الكاتب "المُدَوّن" للنص الصمت والانسحاب.

أما "القراءة النقدية" فتبقى حكرا على الناقد الذي وُجِدَ ليُحافظ على المسافة مع النص المقروء بهدف اختبار النص ووضعه على المحك ورصد آليات اشتغاله ومكامن قوته وخلله. لذلك، فبينما تندر "القراءة العاشقة" نفسها ل"تحبيب" النص للقراء، تبقى "القراءة النقدية" أداة فعالة في "تطوير" أشكال إنتاج النص الأدبي والرقي بها.

أما "المحاضرة" أو "الدرس الأدبي" فَمُهِمَّةُ الأكاديمي الذي يؤرشف الإنتاج الأدبي (الإبداعي والنقدي) ويصنفه ويؤرخ له ويبوبه كي يصبح "مرجعا" للكتابة الغدوية و"حدا أدنى من أشكال التجريب" في الكتابة و"حجر أساس" ينطلق منه النص الإبداعي القادم ليعانق نقدا جديدا وَأَرْشَفَةً أكاديمية جديدة...

الأشكال الثلاثة من القراءات، إذن، توضح بجلاء لا يقبل اللبس بأننا أمام ثلاث دوائر لثلاث مجالات ينبغي احترام استقلاليتها بحيث لا تتوسع دائرة على حساب أخرى ولا تتكلم الواحدة باسم الأخرى. إن "ميزان القوى الأدبية" يقتضي توازن دائرة "المبدع" ودائرة "الناقد" ودائرة "الأكاديمي".


II/- فصل المقال فيما بين "المبدع" و"الناقد" و"الأكاديمي" من اتصال:
"المبدع" هو صاحب رأي وحامل قلم اختار "الثورة على كل المراجع وكل المرجعيات" وبدلك لم يعد مطالبا بالإدلاء بلائحة المراجع أو المصادر التي اعتمدها في عمله سواء كان هدا العمل ديوانا شعريا أو مجموعة قصصية أو رواية أو مسرحية. إنه لا يحتاج لمراجع وما ينبغي له دلك ما دامت إنتاجاته الإبداعية خرجت للوجود لتتبوأ أعلى مكانة في سبورة "المَرَاجِع" وتقدم نفسها ك"مَصَادِر أدبية". ف"المبدع"، والعرب يتحاشون تسميته "خالقا" كما في كل ثقافات العالم Creator/Créateur، "يخلق" عوالم جديدة و"يبدع" فيها إما بالكلمة أو الريشة أو النغمة...

أما "الناقد"، هو أكاديمي بالمنهج اختار دراسة واختبار النصوص "المفردة" والأعمال "المفردة" لكاتب "بصيغة المفرد" وفق منهج نقدي محدد وعلى ضوء مدرسة نقدية بعينها. لدلك، كان تحديد المرجعيات هام للغاية بالنسبة للناقد.

وأما "الأكاديمي" فلا يمكنه أن يكون "ثائرا" كالمبدع. إنه أكثر الثلاثة التزاما بالتدقيق وأكثرهم انضباطا للمراجع والمصادر. كما أن الأكاديمي، عكس الناقد، لا يدرس الأعمال الفردية. إن مهمة الأكاديمي هي "حفظ" الحصيلة الادبية وصون المكتسبات التي وصل إليها الإبداع والنقد في كل مرحلة من مراحل تطور الادب لتنطلق منها التجارب اللاحقة، الإبداعية منها والنقدية. إن مهمة الأكاديمي أقرب إلى مهمة ال"سكريبت-غورل" Script-Girl في فريق التصوير السينيمائي. فإذا كانت مهمة الإبداع هي "فتح آفاق جديدة للكتابة" ومهمة النقد هي "اختبارها والتأشير عليها"، فإن مهمة الأكاديمي هي "حفظ" هذه المكتسبات و "أرشفتها" و"تدريسها" للطلبة لتصبح "واقعا أدبيا". "الأكاديمي"، إذن، ينتظر دائما إسهامات المبدعين والنقاد لإيداعها بنوك الإنتاجات الرمزية وتحويلها إلى كنوز وتدريسها للأجيال القادمة.

إن الأكاديمي هو ناقد "بصيغة المفرد" لإنتاجات أدبية "بصيغة الجمع". لدلك، يغلب على الأكاديمي التوجه لتحقيق النصوص وإعداد البيبليوغرافيات والتأريخ للأدب وغير دلك. لكن الأكاديمي باستطاعته أن يصبح "ناقدا" كلما "حصر" مجال اشتغاله على نصوص فردية أو أعمال فردية لكاتب بصيغة المفرد.

إن هذا التدقيق بين هؤلاء الفاعلين الثلاثة في حقل إنتاج الأدب، "المبدع" و"الناقد" و"الأكاديمي"، هام للغاية قبل الانتقال إلى مدارس تكتلهم.


III/- لِكُلٍّ "مدرسته" ومجاله وأفقه وأدوات اشتغاله:
يتجمع الأكاديميون في الأكاديميات أو المعاهد كال "كوليج دوفرانس" مثلا. أما النقاد، فيتجمعون في مدارس نقدية ك "الشكلانية" و"البنيوية" و"ما بعد البنيوية" و"التفكيكية". بينما يتجمع المبدعون من الأدباء في مدارس أدبية إبداعية ك"الواقعية" و"الرومانسية" و"الطبيعية" و"الرمزية" و"السيريالية" و"الوجودية" و"الملحمية" و"العبثية"...

وتأسيسا على هذا التقسيم المؤسسي لمدارس تكتل المبدعين والنقاد والأكاديميين، يمكن رصد "ملاحظات هامة" تخص المبدعين دون سواه من الفاعلين الآخرين وتهم الإنتاج الإبداعي الأدبي دون غيره من الإنتاجات النقدية أو الأكاديمية. وأهم هذه الملاحظات:

1)- ضعف التواصل بين المبدعين المغاربة وضعف الاعتراف المتبادل بينهم.
2)- اعتماد المبدعين على النقاد والأكاديميين لإنارة الطريق لهم بما جادت به البحوث والرسائل والأطاريح الجامعية.
3)- غياب الوعي المؤسسي كالوعي بأهمية تأسيس مدارس إبداعية مرجعية...

ولكل هده الأسباب، جاء مشروع " الحاءات الثلاث" رافعا مطلب تأسيس مدرسة مغربية للقصة القصيرة يؤطرها كتاب القصة القصيرة المغاربة دون سواهم من باقي الفاعلين في الحقل الأدبي ويلهمها في دلك المشترك الجمالي والمضاميني للإنتاج القصصي القصير المغربي دون غيره من الإنتاجات الأخرى.

الثلاثاء، 30 ديسمبر 2008

مقصلة بلون جدائلي.. مجموعة شعرية ثالثة لرنا جعفر ياسين.


الشاعرة: رنا جعفر ياسين

القاهرة/ خاص


عن دار سنابل للكتاب صدرت في العاصمة المصرية القاهرة المجموعة الشعرية الثالثة للشاعرة العراقية رنا جعفر ياسين والتي حملت عنوان (مقصلة بلون جدائلي) وتوزعت المجموعة على أربعة محاور رئيسية , المحور الاول (ليس سوى ليل مشرع للنهب أو الغواية) الذي تضمن بدوره 5 نصوص ثم المحور الثاني (اذعاناً لصرخة الليلكة) وفيه 14 نصاً بينما كان المحور الثالث تحت عنوان (ما تعشقه تقاسيم الذاكرة) ومكوناً من 12 نصاً فيما لم يتكون المحور الرابع (للموت رعشة الزجاج الأحمر) الا من 4 نصوص كان اخرها بعنوان الوصية.
ويذكر ان للشاعرة رنا جعفر ياسين مجموعتين أخريين هما (طفولة تبكر على حجر) التي صدرت في بغداد عام 2006 عن الاتحاد العام للادباء والكتاب في العراق, و(مسامير في ذاكرة) التي صدرت في القاهرة عام 2007 عن دار المحروسة وضمت قصيدة (الحرب تنهض من موتها) والتي حصلت من خلالها الشاعرة على جائزة نازك الملائكة التي نطمها منتدى نازك الملائكة في الاتحاد العام للادباء والكتاب في العراق عام 2008, وبالاضافة الى نشاطها الشعري فهي تعمل في الاعلام كمعدة ومقدمة برامج ثقافية اضافة الى عملها في الصحافة المكتوبة .
ومن مجموعتها (مقصلة بلون جدائلي) يمكن للقارئ ان يلحظ ان الشاعرة تستعين بتفصيلات حياتية وذاكرة حافظة للصور والاحداث للخروج ببناء شعري متين على مستوى الشكل والمضمون وينم عن مقدرة على تحريك الرؤية الشعرية نحو اعلى مستوياتها من حيث المجاز الشعري الفاعل من غير التعكز على الخطاب التقليدي ويمكن ايضا تأشير خصوصية الجملة الشعرية عند رنا جعفر ياسين من خلال استبدال الضمائر وعلائقها ببعض وبالكل الشعري للنصوص بالاضافة الى بعد صوفي وتماه حي يتجسد خلال بنية الجملة الشعرية ودلالاتها في نصوص تنفتح على الادهاش والصدمة, والمجموعة تمثل في مجمل نصوصها امتدادا تصاعديا لشعرية رنا التي توجتها ببيان شعري معبر وفعال عبر لغتها ورؤيتها الشعريتين والذي كما يبدو كان مجاورا لنتاجها الشعري في مجموعة (مقصلة بلون جدائلي).
وتجدر الاشارة الى ان غلاف المجموعة احتوى لوحة من الكولاج للفنانة الشاعرة رنا حيث يمثل التشكيل جانبا اخر من تجربتها الابداعية المتنوعة ويسير بموازاة رنا الشاعرة المتمردة فنيا على متن النص وقوالبه الجاهزة والسائدة وبما يمكنها من ان تشق طريقا هو الاخر متمرد على البنية الفنية/التشكيلية التقليدية والجملة الشعرية والمضامين والرؤى المندرجة ضمن كليشيهات الخطاب الشعري العربي السائد.
وتوشح الغلاف الخلفي بقصيدة قصيرة عنوانها (على جناح غفوتي):
كان غامضاً
ومدهوناً بالآسن ِالمرتخي
جامدا ً كالصراخ
ينفضُ عن أخطائهِ لونَ البركان ِالبارد
يفضلُ العتمة َبعرائها الغض
مستلقياً,
فوقَ هدوء ٍ يشبهُ نساءً من جليد.
كانَ خاشعا ً..
عندما يقرّّرُ الليلُ فضَّ البراءة
راقدا ً كالنهار ..
حينما يقرّرُ الصغارُ مضغَ حبيباتِ شرهِ المستدير.

وفي كلِّ نشوةٍ و ذنب ..
يعانقني
لافحا ً جسدي بأنفاسهِ الرعب.
.. كم أحبكَ أيها الموت !!

ومن مناخات النصوص مقطع من قصيدة (بصمت, كما في الحلم تنساب الألغام):
بعدَ الموت ..
تنهضُ المدينة.ُ
من الأرض ِ يخرجونَ بنصفِ مجزرة ٍ
وضوءٍ مثقوب
أجسادهم المبنية ُ من النار
لها بريقُ الشعاراتِ القديمة
عيونهم المصبوبة ُ من فولاذِ الثورة
مازالت تحدقُ بمهرجان ٍ سحيق
يسحلونَ الأرصفة َ بالخطوات
ناقرينَ الزجاجَ المعجونَ بماءِ الموت
يحرثونَ الشوارعَ
ويحصدونَ الغيومَ المنهارة َمن فرط الجوع
يحاربون الخطوةَ المعانقة َ للحرائق
عندما تلوذ ُ بالطرقات .
وبأسفلتٍ ساخن
ونوم ٍ طويل
يغسلونَ وجوههم الخالية َ
لكنهم ..
لا يرتدونَ الوشاية َ
بل, مثلَ مصيدة ٍ شائكة يبدأونَ الانقضاض
تستميلهم نعومة ُ مساء ٍ مرطبٍ بالألغام
وملابسُ نساء ٍ مرصعة ٍ بدمّ.

الاثنين، 29 ديسمبر 2008

الإعلان عن تأسيس منتدى أماسي البيضاء الثقافي

عن موقع ليبيا اليوم
تم يوم الأربعاء الماضي الموافق 24 .12 .2008 الإعلان عن تأسيس منتدى أماسي البيضاء الثقافي.

وتأسس المنتدى من خلال تنادي مجموعة من المثقفين والأدباء وكذلك المهتمين في المنطقة لإنشاء نشاط ثقافي وفني يرصد أغلب نشاطات المنطقة ، وقد أشار أغلب المشاركين في الاجتماع التأسيسي إلى أهمية تأسيس هذا المنتدى وذلك لفتح آفاق الحوار الثقافي واستقطاب كافة المهتمين بالشأن الثقافي.
تبنى المنتدى نشاطاً نصف شهري يكون فاتحة النشاط ، وتم وضع تصور يشمل مختلف المناشط خلال عام 2009 والمنتدى ( منتدى أماسي البيضاء الثقافي ) هو جمعية أهلية تجمع في عضويتها كافة أدباء وفناني المنطقة ، ويتم الآن استيفاء كافة الإجراءات الخاصة بإشهاره كجمعية أهلية.
وتم خلال الفترة الماضية إطلاق مدونة ، ستكون هي النافذة الإعلامية للمنتدى ، وعنوانها :
أماسي البيضاء الثقافية
amase2009.maktoobblog.com
والبريد الالكتروني للمنتدى :

amase2009@maktoob.com

وستكون بداية نشاطات المنتدى ، أمسية في الشعر الغنائي للشاعر (سالم الكواش) يوم الاثنين 5. 1 .2009

السبت، 27 ديسمبر 2008

مدرسة القصة العربية الغدوية - البيان الأول







"المدرسة الحائية"
مدرسة القصة العربية الغدوية
البيان الأول
"الحَائِِيَةُ": أصُولُ التسْمِيَةِ
محمد سعيد الريحاني



I/- العنوان الذهبي من العصر الذهبي:
مند البدايات، لجأ الشاعر العربي في نظمه إلى الشكل العمودي في العرض والتزم بالروي الموحد من مطلع القصيدة إلى نهايتها تكريسا لتقليد شعري شاع في العصر الذهبي للشعر العربي وخفت بعد دلك. هذا التقليد كان بديلا عن اختيار عنوان للنص الشعري من قبل المبدع الذي كان يكتفي بقول الشعر فقط على أن يتدخل المتلقي بعد دلك لعنونة النص بالتركيز على إحالتين: الإحالة الأولى على حرف الروي الذي يميز قصيدة عن أخرى؛ أما الإحالة الثانية فإلى اسم الشاعر ناظم القصيدة. فباستثناء "المعلقات"، تعرف القراء عبر التاريخ على قصائد الشعراء، ومن ضمنهم القصائد "الأخرى" لشعراء "المعلقات"، بربط روي القصيدة باسم شاعرها. وبهده الطريقة في صك العناوين، كانت"لامية" السموأل الأزدي ومطلعها:
إِذا المَرءُ لَم يُدنَس مِنَ اللُؤمِ عِرضُهُ *** فَكُلُّ رِداءٍ يَرتَديهِ جَمــــــــيلُ



وَإِن هُوَ لَم يَحمِل عَلى النَفسِ ضَيمَها *** فَلَيسَ إِلى حُسنِ الثَناءِ سَبيلُ
و"تائية" الشنفرى التي اعتبرها الأصمعي أحسن ما قيل في خفر النساء وعفتهن ومطلعها:

أَلاَ أُمُّ عَمْروٍ أَجْمَعَتْ فاسْتقَلَّتِ *** وما وَدَّعَتْ جِيرانَها إِذْ تَوَلَّتِ
وقد سَبَقَتْنَا أُمُّ عَمْروٍ بأَمرِها *** وكانت بأَعْناقِ المَطِيِّ أَظَلَّتِ

و"رائية" الخنساء:

قذى بعينك أم بالعين عُوار *** أم أقفرت إذ خلت من أهلها الدار
كأن عيني لذكراه إذا خطرت *** فيضٌ يسيل على الخدين مدرار
تبكي خناس على صخر وحق لها *** إذ رابها الدهر إن الدهر ضرار
لا بد من ميتة في صرفها عبر *** والدهر في في صرفه حول وأطوار

و"جيمية" جرير التي خص بها الحجاج بن يوسف الثقفي ومطلعها:
هاج الهوى بفؤادك المهتاج *** فانظر بتوضح باكر الأحداج
هذا هوىً شغف الفؤاد مبرح *** ونوىً تقاذف غير ذات خلاج

وخاتمتها:
إني لمرتقبٌ لِمَا خوفتني *** ولفضل سيبك يا ابن يوسف راج
يولقد كسرتَ سنان كل منافق*** ولقد منعت حقائب الحجاج

و"ميمية" المتنبي:
وَاحَرّ قَلْباهُ ممّنْ قَلْبُهُ شَبِمُ ***وَمَنْ بجِسْمي وَحالي عِندَهُ سَقَمُ م
ا لي أُكَتِّمُ حُبّاً قَدْ بَرَى جَسَدي ***وَتَدّعي حُبّ سَيفِ الدّوْلةِ الأُمَمُ

و"سينية" البحتري:
صنت نفسي عما يدنس نفسي *** وَتَرَفَّعتُ عَن جَدا كُلِّ جِبسِ
وَتَماسَكتُ حينَ زَعزَعَني الدَهـ *** ـرُ التِماسًا مِنهُ لِتَعسي وَنَكسي


و"نونية" ابن زيدون:
أَضْحَى التَّنَائِي بَدِيْلاً مِنْ تَدانِيْنا *** وَنَابَ عَنْ طِيْبِ لُقْيَانَا تَجَافِيْنَا
ألا وقد حانَ صُبح البَيْنِ صَبَّحنا *** حِينٌ فقام بنا للحِين ناعِينا


كما ميزت العرب بين القصائد ذات نفس القافية، فكانت:
"لامية العرب" للشنفرى تمييزا لها عن "لامية العجم" للطغرائي:
أَقِيمُـوا بَنِـي أُمِّـي صُـدُورَ مَطِيِّـكُمْ *** فَإنِّـي إلى قَـوْمٍ سِـوَاكُمْ لَأَمْيَـلُ
فَقَدْ حُمَّتِ الحَاجَاتُ وَاللَّيْـلُ مُقْمِـرٌ *** وَشُـدَّتْ لِطِيّـاتٍ مَطَايَـا وَأرْحُلُ
وفي الأَرْضِ مَنْـأَى لِلْكَرِيـمِ عَنِ الأَذَى*** وَفِيهَا لِمَنْ خَافَ القِلَـى مُتَعَـزَّلُ
لَعَمْـرُكَ مَا بِالأَرْضِ ضِيـقٌ على امْرِىءٍ *** سَرَى رَاغِبَـاً أَوْ رَاهِبَـاً وَهْوَ يَعْقِـلُ

و"لامية العجم" للطغرائي، لانتسابه إلى أصبهان:

أصالةُ الرأي صانتني عن الخطلِ *** وحليةُ الفضلِ زانتني لدى العَطَلِ
مجدي أخيراً ومجدي أولاً شَرعٌ *** والشمسُ رَأدَ الضحى كالشمس في الطفلِ


II/- إِغْرَاءُ ذَهَبِ شعر العَصْرِ الذَّهَبِي في الأدب العربي:
إزاء هدا التقليد الجميل الغابر، تملك المحدثين من الشعراء حنين قوي إلى ثقافة الماضي الشعري الذهبي في الأدب العربي. فقد نظم أحمد شوقي قصيدته الجميلة "الأندلس الفردوس المفقود" الذي يبقى العنوان الأصلي الذي اختاره الشاعر لقصيدته لكن قراءه أبوا إلا أن يضعوا القصيدة في مرتبة روائع الشعر العربي فغيروا عنوانها إلى "سينية شوقي":
اختلاف النهار والليل ينسي *** اذكرا لي الصبا وأيام أنسي
وصفا لي ملاوة من شباب *** صورت من تصورات ومس
عصفت كالصبا اللعوب ومرت *** سنة حلوة ولذة خلس

أما محمد مهدي الجواهري فقد ذهب قراؤه أبعد مما ذهب قراء أحمد شوقي. فقد لقب محمد مهدي الجواهري ب"شاعر العرب"، استلهاما للتقليد الشعري القديم. كما سميت قصيدته عن الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب ب "القصيدة العينية". ولأنها أفضل ما كتب في حق الإمام الحسين، فقد كتبت بماء الذهب، على طريقة عشاق الشعر العربي في مرحلة ما قبل الإسلام، في الرواق الحسيني ومطلعها:

فِداء لِمثواكَ مِنْ مضجَعِ *** تَنوّرَ بالأبلَجِ الأروعِ
بِأعبَقَ مِنْ نَفحاتِ الجِنانِ *** رُوحاً وَمن مسكها أضوَعِ


أما محمود درويش فقد دهب أبعد من الجميع. لقد حافظ الرجل على شكل عرضه الشعري الحر لكنه سمى قصيدته ذات الألف ومائة وأربعة وتسعين بيتا (1194 بيتا) "جدارية" استحضارا لدلالة "المعلقة" في التراث الشعري العربي الجميل.

IIّI/- المَدْرَسَةُ "الحَائِيَةُ" ديوان الغد القصصي بِرَوِي "حَائِي":
في كل جنسيات العالم وعلى مر العصور، يندر العثور على كاتب في مجال السرد، مجال القصة القصيرة أو الرواية، جرب قرض الشعر ونجح في دلك. الشعراء وحدهم كان ولا يزال السرد يمثل لهم "إغراء لا يقاوَمُ": منهم من توفي وفي قلبه غُصّة كتابةِ عمل سردي كالشاعر الفلسطيني محمود درويش، ومنهم من بدأ شاعرا ثم هاجر نهائيا إلى السرد كالروائي المغربي الطاهر بنجلون، ومنهم من راوح بين الكتابة الشعرية والكتابة السردية كالشاعر والروائي الفرنسي فيكتور هوغو...

لكن على الرغم من ضعف الهجرة من السرد إلى الشعر، يبقى الشعر بوصلة ثابتة في الكتابة السردية وفي المعجم السردي. فالكاتب، قاصا أو روائيا، لا زال يستقي "قوته" و"معجمه" من مجال الشعر ولا زال ينحث مفهوم "القصة القصيرة ديوان المغاربة" على وزن "الشعر ديوان العرب"؛ كما لا زال يزِنُ "المدرسة الحائية" على وزن "القصيدة اللامية" و"القصيدة الرائية" و"القصيدة الحائية"...

إن الاحترام الكبير اتجاه الأدب عموما وفن القصة القصيرة تحديدا، والنضال الجاري خوضه لإعلاء شأن الكلمة الحرة الكريمة كمضامين للقصة العربية الغدوية، تناسبه استعارة هده التقنية الجميلة المضيئة من غابر التراث الشعري العربي الجميل في عنونة النصوص والأعمال والمشاريع الإبداعية. ولأن هدا النضال بدأ قبل ثلاث سنوات مضت (2006-2007-2008) بالتعبئة العامة بين أعلى مراتب إنتاج الكلمة في الوطن العربي، الكُتّاب، بهدف تغيير طريقة التفكير والتعبير المكتوب في مجال الإبداع السردي العربي على الخصوص باقتحام الدوائر المعتمة الثلاث، الحرية والحلم والحب، التي عرفت مجتمعة تحت شعار "الحاءات الثلاث"؛ فقد صارت "الحاء" لازِمَة أو رَوِياً في التنظير القصصي الجديد كما في الكتابات القصصية الجديدة أكانت "حاء حرية" أو "حاء حلم" أو "حاء حب". لقد صارت "الحاءات الثلاث" قافيةَ "المدرسة الحائية"، مدرسة القصة العربية الغدوية.



تداعيات من الذاكرة: حكايات جديدة لوزنه حامد


الند ميتاني- قامشلو



صدرت للقاصة السورية الشابة وزنه حامد باكورة قصص قصيرة جداً وهي حديثة الإشهار والتوزيع الطبعة الأولى في (105) صفحة من الحجم المتوسط بعنوان: (تداعيات من الذاكرة). وتحمل بين صفحاتها الثرية على (14) قصة قصيرة جداً (ق, ق, ج) محملة بلوحة غلاف ساحرة من إخراج الفنانة (شرين خليفة) .


وتخبئ الباكورة في جوفها من حكايات ذات علاقات إنسانية ساخنة ,و سطرت على غلافها الأخير كلمات لها مغذى ومدلول عميقين ممهورة بقلم الكاتبة نفسها (ما أعذب رنة هاتفي عندما تحمل رسائلك وتبشرني بها .
من قصص المجموعة: تداعيات من الذاكرة (الرجل العجوز , رائحة الماضي , ماسح الأحذية , امرأة محظوظة, شعلة الحياة, ظلم أبي, لن أخيف أطفالهم, مجتمع الاتيكيت, جمين, تداعيات من الذاكرة, مفترق الطرقات, الكأس والخلخال, الربيع, القط إلتهمها) .


قصص المجموعة اغلبها سلسة وشفافة وتبوح كوامن "وزنه حامد" وملكوتاتها الإنسانية بلذة خاصة وبرؤية موضوعية تعالج راهنها الاجتماعي الاقتصادي الثقافي ,القصية تماماً عن استخدام المفردات القاموسية القاسية التي من شانها أن تقتل روح الكتابة القصصية .


تداعيات من الذاكرة : قصص واقعية ذات طابع إنساني بامتياز وهي جديرة بالقراءة والتأمل لنتذوق نكهة أدب منطقة " الكيكان " .


- وزنه حامد أوسي : قاصة
- الكتاب : تداعيات من الذاكرة
- عدد صفحاتها 101
- إصدار اتحاد الكتاب العرب 2007 دمشق
- الناشر : دار حوران للطباعة والنشر والتوزيع سوريا – دمشق
- الإشراف الفني للغلاف : القاص الكردي جان بايير
- قيد الطبع :
- صفير القطار - قصص - قصيرة
- الإنسان داخل الإنسان – رواية