الأربعاء، 17 سبتمبر 2008

ما قبل اللغة.. الجذور السومرية للغة العربية واللغات الأفروآسيوية

فيحاء العاقب



صدر مؤخراً عن دار تانيت (المغرب العربي) كتاب "ما قبل اللغة.. الجذور السومرية للغة العربية واللغات الأفروآسيوية" للباحث والكاتب عبدالمنعم المحجوب، يقع الكتاب في 288 صفحة، وقد استهلّه المؤلف بمقدمة تحت عنوان "هذه الحفريات" يقول فيها: "يتجه هذا العمل ليس فقط نحو التشكيك في المسلمات التي سيطرت لعقود طويلة على قراءة التراث اللغوي الأفروآسيوي، بل ويسعى من خلال طرح نظريته الجديدة في قراءة اللغة السومرية إلى إعادة ترتيب صورة هذا التراث في الذاكرة الإنسانية. الصورة التي صُنعت بتراكمات استغرقت علماء الأشوريات والمصريّات، والمستشرقين عامةً، أكثر من قرن متصل من البحث والتدقيق.

إن المنجز الإستشراقي فذّ في حدّ ذاته، وقد استغرقت الخلاصات المعروفة جيداً في الوقت الحالي، والمنتشرة بما يجعلها أقرب إلى المصنفات المدرسية، عقوداً طويلة من الجهد المضني والبحث الدؤوب بدءا من أواخر القرن التاسع عشر، عندما كانت كلّ خطوة صغيرة إلى الأمام تعدّ فتحاً علمياً صاخباً. ولكن للاستشراق إلى جانب سيرته الملحميّة هذه أوضاع كثيرة، وبعض هذه الأوضاع ليس صحيحاً، أما فيما يتعلق بسومر وباللغة السومرية بالذات، فإنه يبدو واقفاً رأساً على عقب".

يفترض الكاتب وجود متوالية لغوية أفروآسيوية تبدأ من السومرية وتنتهي بالعربية، وبالرغم من الفكرة السائدة عن عزلة اللغة السومرية إلا أن الباحث يلجأ إلى تفكيك الجذور العربية ليثبت أنها في الحقيقة تتكون من مقاطع سومرية ولكن غلبت عليها السمة الجذرية فذابت تلك المقاطع في التلفظ العربي للكلمات.



يسعى المؤلف إلى تتبّع واستظهار التغيرات الصوتية (الفونيطيقية) التي أصابت سلسلة الألسن الأفروآسيوية، باللجوء إلى مقارنة أساسية بين السومرية والعربية. وقد وجد أن التداخل السومري– الأكدي، يتجاوز في الحقيقة ما عُرف من استخدام مشترك لعدد من المفردات، شاع أنه كان نتاجاً لتمثيل اللغتين بالخط المسماري نفسه، يتجاوز ذلك إلى صلة وثيقة تتبدّى فيها المقاطع السومرية كطبقة لغوية مضمّنة Substrata في الأكدية والعربية، وقد خلص إلى أن الضمائم اللغويّة الأفروآسيوية متحدّرة من السومرية، وإن المقاطع السومرية المفردة والمثنّاة متوطّنة قارّة في الأكدية والعربية والمصريّة.. وغيرها من بقية لغات الفروع والضمائم الأفروآسيوية، ولهجاتها المحكيّة. كما سعى من خلال أمثلته التطبيقية التي تعدّ بمئات المفردات إلى استظهار الفونيمات المفردة المؤسسة للكلمات المقطعية السومرية في تحولاتها التدرّجية إلى جذور ثنائية وثلاثية في اللغة العربية، بالإضافة إلى ما قدمه من مقارنات تأثيليّة تتصل بالمواد المعجمية وتحولاتها الدلالية.

قدم المؤلف أيضاً عدة مقارانات لغوية ومعتقدية بين سومر ومصر ليثبت أن معاني أسماء آلهة مصر لا يمكن فهمها إلا من خلال اللغة السومرية، وأن اللغة المصرية القديمة متطورة عن لغة العراق القديم، بنفس المنهج الذي اتبعه في دراسة العلاقة بين اللغتين السومرية والعربية.

إن أهمية هذا الكتاب وخطورته لا تتصل بالمقارنات اللغوية، بل بإعادة التفكير – كما يقول – في بنية اللغة التي نتحدثها، إذ يقدم في أكثر فرضياته إثارة فكرة أن العربية كانت في مرحلة من مراحل تطورها لغة مقطعية لكن العرب لم يعرفوها إلا في شكلها الجذري الاشتقاقي. كما يقدم عدة فرضيات جديدة للتفكير في المسارات الكبرى التي تحركت فيها اللغات الأفروآسيوية واللغات الهندوأوروبية بدءاً باللغة السومرية.

هناك تعليق واحد:

مردوخ يقول...

ارجوك ... كيف اقدر على تحميل هذا الكتاب ؟؟؟